
الدوحة _ قطر
في جلسة مركزية عنوانها “خريطة طريق القطاع العقاري نحو رؤية 2030”، والتي شكلت أحد أبرز محطات منتدى قطر العقاري الثالث في الدوحة، قدّم معالي وزير الشؤون البلدية والإسكان السعودي ماجد الحقيل عرضًا تفصيليًا لرؤية المملكة في إعادة بناء القطاع العقاري كتجربة متكاملة تربط الاقتصاد بالبيئة الحضرية والاستثمار.
واستعرض الحقيل كيف تحوّل القطاع العقاري في المملكة في المرحلة الحالية من مجرد بناء المساكن إلى تصميم بيئات متكاملة تدعم جودة الحياة، ودعا إلى منظومة تجمع المالك والمطور ومزود الخدمة وإدارة المرافق ضمن آلية فعالة ومستقلة. وهو تسويق لرؤية تدمج الاستدامة والجاذبية الاستثمارية.
كما أشار إلى تأسيس الشركة الوطنية للإسكان (NHC) عام 2016 وزّيادة دورها في تنفيذ المشاريع الكبيرة، واتّجهت الوزارة لدعم مطورين محليين ودوليين من خلال تشريعات برنامج وافي. وفي مؤثر إقليمي، كشف الحقيل عن توقيع اتفاقية بين NHC وشركة الديار القطرية لتوسيع أنشطتها داخل السوق السعودي، في خطوة ترمي إلى تعزيز التعاون الخليجي في مجال العقار.
أما في جانب التمويل، فقد أبرز الوزير نموًا لافتًا في القروض العقارية التي أصبحت تشكّل ركناً حيويًا للنمو، لافتًا إلى أن القطاع ارتفع من نحو 200 مليار ريال إلى أكثر من 900 مليار في 2025، ويُشكّل حوالي 27٪ من محافظ البنوك السعودية. هذا التوسع يعكس توجه المملكة نحو الربط بين التمويل العقاري والتطوير العقاري، ودعم السيولة بعبر أدوات مثل شركة إعادة التمويل العقاري (SRC)، التي أطلقت مؤخرًا إصدار صكوك دولية لتعزيز الربط بين الأسواق المالية المحلية والدولية.
ولم يغب البعد المعماري والثقافي عن النقاش؛ إذ أشار الحقيل إلى مبادرة العمارة السعودية التي أطلقها ولي العهد، والتي تنطوي على صياغة 19 نمطا عمرانيا محليا يعكس هوية المدن السعودية وتنوعها، مع تخصيص 10٪ من المساحة الحضرية لتجارب معمارية حُرة. وبيّن أن المدن السعودية قد دخلت تصنيف أفضل 100 مدينة ذكية عالميا بفضل التحول الرقمي، وأن المنصات الرقمية أصبحت تصل إلى كل جانب من جوانب التعامل العقاري والملكية.
انعكاسات الجلسة على السوق العقاري والاستثمار
تعزيز ثقة المستثمرين الخليجيين والدوليين: العرض السعودي في منتدى إقليمي يسلط الضوء على مشاريع بنية تحتية تشريعية ومالية يدعمها الدولة، ما يضيف مصداقية ويحفّز تدفق رؤوس الأموال إلى السوق السعودي.
انتقال سوق العقار من قطاع مدعوم إلى بيئة استثمارية مستدامة: التركيز على الربط بين التمويل، التشريع، والتنمية الحضرية يعزّز من استدامة المشاريع وقدرتها على جذب المستثمرين الباحثين عن عوائد بعيدة الأمد.
إطلاق أدوات مالية جديدة: إصدار SRC لصكوك دولية يعكس نية المملكة فتح بوابة تمويل عقاري بين الأسواق العالمية، ما يزيد من عمق السيولة العقارية السعودية واستقطاب رأسمال أجنبي.
إعادة تشكيل المنافسة داخل السوق الخليجي: الشراكة السعودية – القطرية ومشاركة واسعة في منتدى إقليمي تشير إلى توجه نحو بناء منظومات عقارية متكاملة تُسهِم في استقطاب الاستثمارات المشتركة، وتخفيف حِدّة التنافس على المشاريع الفردية.
تسارع نمو الطلب العقاري وتماسك الأرقام السوقية: وفقًا لإحصائيات حديثة، شهدت القروض العقارية في السعودية نمواً ملحوظاً، وبلغت محفظة القروض العقارية المتداولة نحو 846 مليار ريال في أواخر 2024، مع ارتفاع الحصة العقارية من محفظة البنوك إلى نحو 29.7٪. كما أن مؤشر أسعار العقارات السكنية قفز 3.1٪ خلال عام إلى الربع الرابع من 2024، مقارنة بالأعوام السابقة.
باختصار، الجلسة الوزارية لم تكن مجرد عرض تقليدي، بل كانت بمثابة إعلان استراتيجي أمام المستثمرين والخبراء بأن السعودية تراهن على دمج التشريع، التمويل، والتصميم الحضري لصياغة سوق عقاري متطور قادر على المنافسة الإقليمية وتقديم فرص استثمارية عالية الجودة.
Comments
No comments yet. Be the first to comment!