
واشنطن _ الولايات المتحدة
في خطوة مبتكرة تجمع بين الثبات المالي والتقنيات الرقمية، اعتمد المستثمر العقاري جرانت كاردون نموذجا هجينيا يجمع بين استثمارات العقارات الفاخرة والبيتكوين، ما يعكس اتجاها متزايدا نحو دمج الأصول التقليدية مع العملات المشفرة لتعزيز السيولة وإدارة المخاطر.
يعتمد هذا النموذج على تحويل التدفقات النقدية من عقارات سكنية متعددة الوحدات إلى مشتريات منتظمة للعملات المشفرة، بما يتيح لكاردون الاستفادة من الدخل الثابت للأصول العقارية لدعم استثماراته الرقمية. وقد استحوذ مؤخرًا على نحو 300 بيتكوين، مع تخصيص 100 مليون دولار من صفقة فندقية لتعزيز محفظته، ما يعكس ثقة مؤسساتية متنامية في البيتكوين كفئة أصول مستقرة نسبيًا على المدى الطويل.
ويؤكد الخبراء أن هذا النهج الهجين يقدم مزايا ملموسة للمستثمرين، أبرزها سرعة المعاملات عبر الحدود، وسيولة أكبر، وإمكانية الوصول إلى أسواق استثمارية متقدمة، خصوصًا في قطاع العقارات الفاخرة الأوروبية. ومع ذلك، يشددون على ضرورة مراعاة المخاطر، بما في ذلك تقلبات أسعار العملات المشفرة، والاختلافات التنظيمية بين الدول، والآثار الضريبية المحتملة، ما يستلزم استراتيجيات دقيقة لتجنب أي تعقيدات مالية.
ويشير إيان كين، أحد مؤسسي قطاع الاستثمار الهجين، إلى أن دمج العقارات مع العملات الرقمية يمكن أن يوفر تحوطًا ضد تقلبات السوق، بينما يعزز فرص نمو البيتكوين على المدى الطويل. بالمقابل، يحذر المستثمر لويس أدلر من الفجوة بين استقرار العقارات وتقلبات العملات الرقمية، مؤكدًا أهمية تقييم المخاطر قبل اعتماد أي استراتيجيات هجينة.
هذا وقد بدأ نموذج الاستثمار الهجين بين العقارات والعملات المشفرة، الذي ابتكره جرانت كاردون، في دخول بعض الدول العربية، خاصة الإمارات والسعودية.
ففي الإمارات، تُعتبر دبي رائدة في تبني هذا النموذج. على سبيل المثال، قامت شركة RAK Properties، المطورة العقارية في رأس الخيمة، بالتعاون مع شركة Hubpay لتقديم خيار الدفع بالعملات الرقمية لشراء العقارات، مما يسهل على المستثمرين الدوليين الدخول إلى السوق العقاري باستخدام العملات المشفرة.
أما في السعودية، فقد أطلقت شركة Rafal Real Estate بالتعاون مع شركة droppRWA منصة لتطبيق \"توكنيز\" (Tokenization) للأصول العقارية، مما يتيح للمستثمرين شراء حصص جزئية من العقارات باستخدام العملات المشفرة. يُتوقع أن يسهم هذا النموذج في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشفافية في السوق العقاري السعودي.
هذه المبادرات تتماشى مع رؤية 2030 في كلا البلدين، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار المالي. ومع تزايد الاهتمام بالاستثمار الهجين، من المتوقع أن يشهد السوق العقاري في المنطقة مزيدًا من التحولات نحو الرقمية واللامركزية.
ومع تزايد الاهتمام بهذه الصناديق الهجينة، بدأت الجهات التنظيمية في تطوير أطر قانونية أكثر مرونة تتوافق مع تحديات دمج الأصول التقليدية والرقمية، وهو ما قد يمهد الطريق أمام توسع أكبر للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية واعتماد تقنيات البلوك تشين لتسهيل إدارة المحافظ الاستثمارية الهجينة.
تُظهر تجربة كاردون كيف يمكن للمستثمرين المزج بين الأصول العقارية المستقرة والعملات المشفرة الناشئة لتحقيق نمو طويل الأمد، مما يفتح آفاقًا جديدة في الاستثمار العالمي ويعيد تعريف العلاقة بين العقارات والتكنولوجيا المالية.
Comments
No comments yet. Be the first to comment!