الرياض، السعودية
في خطوة تُعد الأبرز ضمن مسار التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، تستعد السعودية لفتح واحد من أكبر أسواقها وأكثرها حساسية أمام الاستثمار الأجنبي، إذ أكدت الهيئة العامة للعقار أنها تمضي قدماً في إقرار اللوائح النهائية التي ستسمح لغير السعوديين بتملك العقارات بأنواعها المختلفة اعتباراً من يناير المقبل، وهو تطور يعيد تشكيل المشهد العقاري في المنطقة ويضع الرياض في موقع أكثر تنافسية على خريطة الاستثمار الدولي.
التحولات الجديدة لا تقتصر على فتح باب التملك في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، بل تمتد أيضاً إلى المدينتين المقدستين مكة والمدينة، حيث يجري تحديد نطاقات واسعة مخصّصة لملكية الأجانب، وتشمل – وفق ما أكده فهد بن سليمان، المدير التنفيذي لملكية العقار لغير السعوديين في الهيئة العامة للعقار – عدداً من المشاريع الضخمة التي تُعتبر محركات رئيسية في استراتيجية تطوير المدن السعودية. ومع أن تملك العقارات في المدينتين المقدستين سيقتصر على المسلمين، إلا أن بن سليمان شدد على أن اللوائح الجديدة لن تتضمن قيوداً واسعة أو شروطاً ثقيلة على المستثمرين، مؤكداً أن الفارق بين النظام القديم والمحدّث “سيكون كبيراً وملموساً”.
هذه الإصلاحات تأتي امتداداً لقرار يوليو الماضي الذي أقرّ تعديلاً شاملاً على قانون ملكية العقارات، في وقت تسعى فيه المملكة إلى تعزيز قدرتها على جذب الشركات العالمية والمواهب والاستثمارات ضمن إطار رؤية السعودية 2030. وتكثّف الجهات التنظيمية في الفترة الحالية جهودها لمعالجة تحديات السوق العقارية، التي برزت خلال العام الجاري مع ارتفاع الطلب وتزايد الحاجة إلى توفير خيارات مناسبة للمقيمين والشركات على حد سواء.
وفي سياق متصل، تعمل السلطات السعودية أيضاً على تسريع إصلاحات أسواق رأس المال، وسط توقعات بالسماح قريباً بملكية أجنبية لحقوق الأغلبية في عدد من الشركات المدرجة، بما يعزز تدفقات الاستثمار ويعمّق السوق المالية السعودية.
ولتسهيل دخول المستثمرين الدوليين، أطلقت الهيئة العامة للعقار هذا الأسبوع بوابة رقمية متخصصة تحت اسم \"عقارات السعودية\"، والتي ستضم قريباً قائمة مفصلة بالمناطق الجغرافية المتاحة للتملك، إضافة إلى الأصول المؤهلة وآليات التسجيل والشراء. ويُنتظر أن تلعب البوابة دوراً محورياً في تقليل مخاطر الاستثمار، من خلال توفير بيانات دقيقة ومسارات واضحة للعملية الاستثمارية.
ومع تحديد نسب الملكية المقترحة للأجانب بين 70% و90% في المناطق المخصصة، تبدو المملكة عازمة على إعادة صياغة بيئة الاستثمار العقاري، بما يحقق توازناً بين الانفتاح الكامل للسوق وحماية استقرار القطاع. ويؤكد مسؤولو الهيئة أن الهدف النهائي هو خلق سوق عقارية تنافسية، تمكّن الأجانب من زيارة المملكة وامتلاك العقارات بسهولة، وتوفر في الوقت ذاته فرصاً متنامية للمطورين المحليين والدوليين.
بهذه الخطوات، تدخل السعودية مرحلة جديدة تتقاطع فيها الإصلاحات التشريعية مع المشاريع العملاقة التي تشهدها البلاد، ما يجعل سوقها العقارية إحدى أكثر الأسواق ترقباً في عام 2026 وما بعده، خصوصاً مع اتساع شهية المستثمرين الدوليين تجاه المشاريع التطويرية في الرياض والمدن المقدسة.
تسجيل الدخول / التسجيل




Comments
No comments yet. Be the first to comment!